البرد القارس يعمق آلام المتشردين.. وجمعيات مدنية تطلق مبادرات اجتماعية

تتفاقم معاناة الأشخاص المتشردين بالمدن الكبرى للمملكة خلال فترة البرد القارس التي تتصادف مع شهري يناير وفبراير، ما يعمق جراح هذه الفئة الاجتماعية التي وجدت نفسها دون مأوى، وبالتالي فهي تفترش الشوارع في الليالي الشتوية.
وأمام هذه الوضعية الاجتماعية الصادمة تتحرك العديد من جمعيات المجتمع المدني طيلة السنة من أجل تقديم يد المساعدة للمتشردين في الشوارع والأزقة، من خلال منحهم الأغطية والوجبات الأساسية، إلى جانب تطبيب المرضى منهم.
ومع ذلك، تشتكي الجمعيات الفاعلة في المجال من سلوكيات بعض المتشردين بالمدن، حيث يفترشون الأرض ويلتحفون السماء كل يوم من أيام السنة رغم المساعدات المقدمة لهم، نظراً إلى اشتغالهم في مهنة التسول، حيث يستهدفون المناطق التجارية الحيوية التي تحولت إلى أمكنة مربحة لهم.
لكن الموضوع بات يفرض نفسه على مسؤولي المدن الكبرى، لاسيما العاصمة الاقتصادية للمملكة، اعتباراً للأعداد المتزايدة للأشخاص المتشردين في الشوارع، ما يتطلب ضرورة توحيد الرؤى الحكومية والجماعية والجهوية لرفع عدد المراكز الاجتماعية المحدثة لهذا الغرض.
بالنسبة إلى المهدي ليمينة، عضو جمعية التحدي للمساواة والمواطنة التي تشتغل بصفة مستمرة في المجال، فإن “الدولة ترصد إمكانيات مالية مهمة لتجاوز هذه المعضلة، لكن تغيب الرؤية التكاملية في تدبير الموضوع الاجتماعي الذي يتطلب سياسة موحدة”.
لذلك، قال ليمينة، إن “الجمعيات تنشط بكثرة في مساعدة الأشخاص في وضعية صعبة، بما يشمل المتشردين”، مبرزاً أن “الحل الأنجع للمشكلة يتمثل في إعداد سياسة حكومية شاملة تشارك فيها الجماعات الترابية والمجالس الجهوية”.
وأضاف الفاعل المدني، ضمن إفادته، أن “وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة صرحت في لقاء سابق بالدار البيضاء بأن المؤسسة الاجتماعية دار الخير على سبيل المثال تتوفر على أزيد من 300 سرير فارغ، ما يدل على رفض البعض البقاء بهذه المؤسسات”، وذكر بأن “المغرب لا يتوفر بالفعل على مركز اجتماعي مخصص للمشردين على صعيد كل جهات المملكة، على غرار الدول الأوروبية، لكنه يضع المؤسسات الخيرية على الأقل رهن إشارة الجمعيات لإيواء الأشخاص المشردين بصفة مؤقتة في فصل الشتاء”.
ولفت المتحدث إلى أن “المعضلة التي تواجهها المجالس الترابية في تدبير الموضوع تتجسد في امتهان الكثير من المشردين التسول، الأمر الذي يصعب معه إبقاؤهم في المراكز الاجتماعية”، مشيراً إلى أن “الجمعيات توزع أحياناً الأغطية على هذه الفئة الاجتماعية، لكنها تقوم ببيعها بمجرد الحصول عليها، ثم تعود من جديد إلى الشوارع لاستعطاف المواطنين بحجة الفقر”.