
“إننا لا نريد من العالم أن يعترف بمغربية الصحراء
بل نريد من العالم أن يعرف الجيران الذي حشرنا الله بجانبهم”
تعبير للمغفور له الحسن الثاني
تعبير بمثابة صرخة، تؤكد للجميع، أن المغفور له الحسن الثاني لروحه السلام، كان على وعي تام بمدى خطورة هذا النظام العسكري المنغلق في المقام الأول على الدولة الوطنية في الجزائر قبل خطورته على جيرانه وعلى المنطقة برمتها، وقد تبين ذلك جليا خلال فترة العشرية السوداء بعد تنظيم أول انتخابات حرة نزيهة حضرها مراقبون دوليون، والتي آلت مع الأسف الشديد الى اقتتال دامي راح ضحيته العديد من الأرواح البريئة من شعب جزائر المليون ونصف المليون شهيد المستقلة استقلالا تاما، ودواليب حكمها بين أيدي ابناؤها. ولكن بدون ركائز وهياكل الدولة من مؤسسات دستورية، حيث اختلط الحابل بالنابل، وبدأت تحاك الاتهامات المجانية والموجهة بحجة أن الجزائر القوية ثم اختراقها وأنها تعيش تحت وطأة الارهاب، فتم التسويق لهذا المعطى لتبرير العنف والقتل، مما أدى إلى تركيع شعبا بأسره أصبحت أنشودته الأولى والأخيرة العيش بسلام داخل وطن آمن، فتمكن هذا النظام الذي رسم دربه نحو الاستقلال بأشلاء ودماء الشهداء من الاستقواء والسطو على السلطة من جديد مدعوما بجهاز استخبارات يثقن لعبة تصفية الحسابات وغدر الصديق قبل العدو.
أمام هول هذه النزعة الدموية، ارتأت النخبة السياسية في الجزائر وعقلاءها تزكية مشروع المصالحة الوطنية والقبول بنظام رئاسي رسمت له خطوطه الحمراء طبقا للعقيدة العسكرية، وذلك لحقن دماء الجزائريين الأبرياء من جبروت السلطة الحاكمة ذات القبضة الحديدية.
ونظرا لتبني هذه السلطة للتوجه الاشتراكي ممزوج بطابع ايديولوجي شمولي، بدأ يشعر المحيط الإقليمي والدولي بخطورة هذا النظام على شعبه وعلى جيرانه، فرغم استمرار دعمه والتستر عليه من بعض ” اللوبيات ” العالمية الضاغطة سواء على مستوى المنظمات أو الدول.
بالمقابل كان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه ضربة موجعة لهذا النظام الذي يبتز محيطه الإقليمي بين الفينة والأخرى بإشعال فتيل الحرب، وضربة موجعة كذلك للعديد من القوى الداعمة له وراء الكواليس. وذلك لأنهم يعلمون علم اليقين أن صناعة القرار الأمريكي خصوصا ذو الأبعاد الإستراتيجية ليس مرتبط بشخص الرئيس أو الحزب، مما أنتج ردود أفعال هستيرية لحكام الجزائر.