فك العزلة عن المناطق الجبلية المعزولة من بين الصعوبات التي تواجهها الحكومة

تتجاذب فعاليات مدنية عديدة مطلب تمكين المناطق الجبلية المغربية من “تنمية جدية” تنهي معاناة الآلاف من المواطنين كل فصل شتاء، وتمنحهم ظروف عيش كريمة تقطع مع منطق “المساعدات الحكومية” التي توزع في الظروف الراهنة.
وتواجه الحكومة صعوبات كبيرة في توجيه مسارات التنمية، خصوصا أمام التحديات الجغرافية وترامي أطراف الدواوير الجبلية، وهو تحد مطروح على سياسة إعداد التراب الوطني وبحث فرص تقريب التجمعات السكنية وتمكينها من مختلف الخدمات.
ويطالب سكان هذه المناطق بالعمل على برامج تفك عنهم العزلة بصفة نهائية وتجنبهم خطوات ظرفية، يكون في مقدمتها الربط الطرقي الجيد بحيث لا يتأثر بالظروف المناخية، وتوفير الأساتذة والأطباء في المدارس والمستشفيات.
وفي هذا السياق، كشفت الحكومة عن حصيلة المخطط الوطني الحالي لحماية الأسر القاطنة بالمناطق الجبلية من موجة البرد القارس، الذي يستهدف ساكنة تقدر بـ 795 ألفا و727 نسمة منتظمة في إطار 150 ألفا و460 أسرة تقطن بـ1816 دوارا.
ولفتت الحكومة إلى أن محاور التدخل تهم دعم الخدمات الصحية المقدمة لساكنة المناطق المعرضة لموجة البرد، وذلك عبر برمجة 3179 وحدة طبية متنقلة و164 قافلة طبية، بالإضافة إلى تعبئة 3311 طبيبا وإطارا طبيا، و863 سيارة إسعاف، وتهيئة ما مجموعه 160 منصة مؤقتة لتأمين نزول المروحيات التابعة للدرك الملكي أو لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وإضافة إلى المخطط، اعتمدت الحكومة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وهو المشروع الذي انطلق سنة 2017 ويمتد إلى غاية 2023، واستفاد منه ما يقرب من 14 مليون نسمة بـ 1066 جماعة قروية، ما يمثل 83في المائة من إجمالي الجماعات القروية بالمملكة.
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، سجل أن الطبيعة التضاريسية للمناطق الجبلية وما يحوم حولها من تمثلات سوسيو-اقتصادية وحتى سياسية وثقافية ونفسية، شكلت دائما عائقا حقيقيا أمام كل السياسات التنموية، ليس فقط في المغرب، ولكن في جل الدول. مشيرا إلى معضلة وضعية الشتات التي تعيش على إيقاعها ساكنة الجبال بالمغرب، موردا أن الحل لا يكمن في تنظيم رحلات دعم وتضامن، بل في إعادة انتشار اجتماعي مبني على رؤية استراتيجية مندمجة ومتكاملة.
وشدد المتحدث على ضرورة تجميع ومركزة سكان تلك المناطق الجبلية في فضاءات تتمتع بالولوجيات والبنى التحتية اللازمة، تتم تهيئتها بشكل ينسجم وضرورات الحياة الكريمة، لأن التكتلات الاجتماعية لا تحقق المعادلة السليمة إلا بوجود المكونات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية اللازمة لتحقيق ظروف عيش ملائمة.
واعتبر الخضري أن الاكتفاء بإحداث مراكز صحية ومدارس بطريقة معزولة داخل جماعات ساكنتها تعيش مترامية بين الجبال والمنعرجات الوعرة، يعني شيئا واحدا، هو إضافة معاناة أولئك الأطر الطبية والتربوية والإدارية وغيرها، الذين يتم بعثهم إلى تلك المناطق، إلى معاناة الساكنة المتواجدة هناك.
ونبه الحقوقي المغربي إلى أن الدولة بذلك تظن أنها حلت الإشكالية، في حين إنها عقدت الأزمة أكثر، معتبرا أنها سياسات ترقيعية يترتب عنها بزوغ إشكاليات أخرى بدل حل الإشكالية الأصلية المتمثلة في عزلة تلك المناطق، حيث أصبح المغرب حاليا، نتيجة سياساته الترقيعية، في مواجهة استنزاف ممنهج ومسترسل يتمثل بالأساس في هجرة الأطر والكفاءات النوعية وهروبها نحو البلدان الأكثر ضمانا للكرامة.