أعمدة رأيالأفقجريدة Ouma press

هل تبدأ المفاوضات أم تشتعل النيران

* محمد نجيب كومينة 

وقع اليوم الرئيس الروسي فلادمير بوتين مع روساء كل من لوكانسك و غدانسك و دونيلي وزابورجيا الموالين لروسيا اتفاقيات تقضي بالتحاق هذه المناطق بالفيدرالية الروسية، وذلك بعد اجراء استفتاءات نظمها الروس في هذه المناطق ووجهت برفض غربي على الخصوص وكذلك برفض الأمم المتحدة.

إلحاق هذه المناطق بالفيدرالية الروسية في هذا التوقيت بالذات يأتي بعد اشتداد الأزمة مع أوكرانيا والغرب الذي يجعلها تنفتح على الخصوص على أفق المزيد من التوتر وجبهات جديدة للصراع في حرب هجينة يستعمل فيها السلاح والاقتصاد من طرفي الصراع وربما على التفاوض.

اقدام روسيا على هذه الخطوة الكبرى، وتأكيد بوتين أنه لارجعة فيها، يرمي فيما يبدو إلى جعل أي مفاوضات مقبلة، في حال القبول بها، تجري بين روسيا وأوكرانيا على أساس أمر واقع ترابي وسياسي غير قابل للتغيير، وهو ما يرفضه الرئيس الأوكراني ومعه الغرب،  إنها لن تعترف بنتائج الاستفتاءات التي أجراها الروس وما ترتب عنها من إلحاق، وهو ما يعني أن روسيا، التي أعلنت تعبئة لتجنيد 300 ألف شخصا، ستنتقل بما أسمته”عملية عسكرية” إلى حرب معلنة مع أوكرانيا وداعميها الغربيين، خصوصا بعد تجاوز مدة تلك العملية للمدة المتوقعة وظهور بعض علامات الضعف لدى الجيش الروسي في عدة جبهات ترتبت عنها تراجعات غير تاكتيكية فيما يظهر، أو ستقوم باستعراض قوة، قد تتم مرافقته باستعمال أسلحة أكثر فتكا و بسلاح الغاز والبترول والغذاء والمواد الأولية الأخرى، مع التلويح باستعمال السلاح النووي عندما يصل التهديد الغربي إلى تشكيل خطر داهم على الدولة الروسية. غير أن روسيا تعي أن حربا من هذا القبيل، بالإضافة إلى سلاح العقوبات الاقتصادية، ستودي إلى إنهاكها بشكل أكبر وستكون له أيضا نتائج صعبة التوقع داخليا قد تنهكها أكثر إذا تجاوزت مستويات معينة قابلة للتدبير بالوسائل الأمنية والسياسية.

خطوة بوتين بضم المناطق الشرقية التابعة لأوكرانيا ذات الساكنة الرسيك خطوة تجعل الأزمة تدخل منعرجا يصعب توقع ما بعده بالنسبة لروسيا و لأوكرانيا والغرب وللعالم، لأن الأمر يتعلق بتحول دراماتيكي.

خطاب بوتين التصعيدي والتحريضي في نفس الوقت أعاد التأكيد على المنطلقات المؤسسة لوطنية روسية متصادمة مع الغرب بشكل شامل، ولا تقتصر على نزاع ترابي أو إقليمي، ونفى في هذا السياق أن تكون له رغبة في احياء الاتحاد السوفياتي الذي اتهم البعض في روسيا بتسريع تفكيكه، في إشارة إلى غورباتشوف ويلتسين، وهو ما يجب أن يعيه من يعيشون إلى البوم في الماضي ويسقطون رغبتهم على روسيا التي تغيرت جذريا وقطعت مع النموذج الاشتراكي. بوتين ينطلق من روسيا وتاريخها و يركز على مصالحها الوطنية والإقليمية والعالمية وما عدا ذلك كلام دعائي في مواجهة كلام دعائي آخر ينتجه الغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى