أخبارأعمدة رأيالأفقجريدة Ouma press

الكرة الساحرة ومغرب منبث الأحرار

بقلم عيدودي عبد النبيBBM TV

لماذا سميت بالساحرة؟ ولماذا لم يتناولها الفلاسفة بالدراسة والبحث؟ ولماذا هذا السحر الخطير وهذا الاغواء الكبير الذي تخلقه الساحرة في نفوس البشر؟ ما هو القاسم المشترك بين هذه الجماهير المولعة بالكرة الساحرة؟ أهو الحب أم الجهل بها وبها ؟ أم هو العشق للصراخ  فقط ؟ والرغبة الجامعة في العنف والفوضى أحيانا؟

لم يتناول الفلاسفة المفكرين موضوع الساحرة بالدراسة و التنقيب.. ولم يخصص لها أي باب في كتبهم الفلسفية.. بل ضل الفيلسوف يعتبر الساحرة مجرد لعبة لا ترقى إلى مستوى الفكر والبحث والتنقيب الابستمولوجي..

لكن كرة القدم استطاعت أن تخطف الأضواء.. وتسحر النفوس.. وتملك القلوب.. بل تمكنت من التوغل داخل الأسرة الغنية والفقيرة والثرية والكادحة.. ولم تقتصر على الأحياء الطبقة العاملة البروليتارية التي وضعت لها الأوليغارشية و البورجوازية الفاحشة كرة من هواء لتلهيهم عن مطالب الشغيلة وعن التفكير في الثورة عنها وقت راحتها…

لم تتوقف الساحرة إلى هذا الحد، بل اخترقت الأحياء الراقية والمتوسطة.. وبلبلت دأب الفيلسوف المفكر، وحركت فتاوى الفقيه  المشرع، وشغلت شباب وشيبا.. و لم تفرق بين كبير وصغير.. وألهمت قلوب الجماهير وألهبت حماسهم.

لكن السؤال لازال يلح علينا، ما هو القاسم المشترك بين هذه الجماهير العاشقة للكرة الساحرة بغض النظر عن لونه أبيض كان أو أسود، وبغض النظر عن لغته ولهجته أو عرقه.. ومهما كانت وضعيته فقيرا أو غنيا، جاهل أو مثقف، كبير أو صغير.. ذكر  أو أنثى؟ لماذا نصرخ كالأطفال حين تضيع الفرصة في تسجيل الهدف؟ لماذا نقفز ونمط ونحط  كالبراعم كلما سجلنا الهدف؟ أهي طفولتنا التي ترقص فينا منذ الصغر  ونعومة أظافرنا إلى أن نشيخ ونهرم ؟ أم هو حب النصر الذي نجري وراءه منذ الولادة حتى القبر؟ أقول لكم بعد تفكير ودون تفلسف لعلهما الاثنان ؟ لماذا ؟ لأنه كلما تعلق الهدف المسجل أو ضائع في مبارة من حجم مباراة كأس العالم، حصل الأمران معا وأنتم تستشعرون حصولهما كما أستشعره معكم.. نصرخ  نعم نصرخ لأننا نريد أن يسجل لنا بالهدف نصر  ضائع منا وهارب هنا، و إن صدح العقل قائلا: أنها مجرد لعبة لا يفيد النصر فيها بشيء لتغيير أوضاعنا.. انبعتث طفولتنا وبراعتها تفرح وتنشد النشيد:( منبث الأحرار ..) فرحا بالنصر الذي يتحقق في أنفسنا المجبولة على اللعب حتى الموت..

أنظر ماذا تفعل الساحرة اليوم بالمغرب منبث الأحرار و مشرق الأنوار ..  إنها تخرج الجميع من بيوتهم ليفرحوا ويلعبوا ويرقصوا ..احتفالا بتسجيل الهدف.. و انظر كيف يصرخون صرخة مدوية في المقاهي وفي كل البيوت والشوارع لحضة ضياع الفرصة.. أنظر كيف تجعلنا نستحضر عظمة الأمة المغربية وصحرائها وساحلها وعمقها الأفريقي والأندلسي الموريسكي..

لقد كذب من قال أنها مجرد لعبة .. إنها ساحرة .. بل إنها مرآة نرى فيها حضارتنا وقوتنا ولو للحظات .. إنها المعيار الذي يكشف حقيقة البنية التحتية لكل بلد.. طرق ملاعب …مطاعم …فنادق ..وسائل نقل واتصال جوية وبحرية وغيرها .. بل هي من تعري عن تخلف بلد و مدى جهل مواطنينه بقواعد العيش المشترك وقيم السلم والأمن العالميين.

عفوا أيها الفلاسفة الكرة اليوم لم تعد لعبة فقط بل أصبحت مؤشر دال على تقدم وطن و ازدهار بلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى