
مع اقتراب موعد تنقل رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز إلى المغرب مطلع الشهر المقبل، وذلك لتكثيف العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، يتضح أن الرغبة المشتركة تتجه نحو إعطاء ديناميكية جديدة لهده العلاقات مبنية على أسس صلبة واضحة المعالم، وبعيدة كل البعد على منطق الرياء السياسي، مما يفسح المجال أمام تعاون حقيقي على أساس رابح رابح، وبالتالي وضع خريطة طريق من أجل الانخراط في المشاريع الضخمة من قبيل إحياء مشروع الربط القاري بين أوروبا وإفريقيا، وكذا مشروع أنبوب الغاز الطبيعي من نيجريا إلى أوروبا عبر المغرب .
لقد تنبه الساسة الإسبان بمختلف مشاربهم أن التعاون الاستراتيجي مع المغرب كشريك اقتصادي موثوق به ،لا يمر عبر بوابة الابتزاز السياسي ،خاصة ملف وحدته الترابية وسيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية ،بحيث ظهر ذلك جليا أثناء دخول زعيم جبهة البوليساريو للتراب الإسباني بجواز سفر جزائري يحمل هوية مزورة ،مما أدى إلى أزمة عميقة بين الجارين، اتخذ على اثرها المغرب موقفا سياسيا حازما أدي إلى تقييم شامل وجدري لعلاقته مع إسبانيا وتعليق العديد من الاتفاقيات ومدكرات التفاهم، مما أسفر عنه اعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على صحراءه من طرف رئيس الحكومة بحيث اعتبر موقفه هذا أمام خصومه السياسيين بمثابة قرار دولة إسبانيا وليس قرار حزبه الحاكم .
وقد أبلغت الدبلوماسية المغربية آنذاك ،وبكامل الوضوح سواء داخل أروقة الأمم المتحدة ،او في اعتماد علاقاته الثنائية مع باقي دول العالم ،خاصة الأوروبية التي باتت تتأرجح بين كفة وأخرى حسب مصالحها سواء القريبة أو بعيدة المدى، أن مسألة الصحراء المغربية هي قضية الشعب المغربي بكل أطيافه ومحط إجماع لا غبار عليه، ومرد قدسية صحراءه تتمثل في وجوده وامنه القومي، وليس كما روج لها خفافيش الظلام داخل الكواليس أنها مسألة أراض شاسعة غنية بالثروات وبدون سيادة، فارتمى النظام العسكري الجزائري لخدمة أجندة بعض اللوبيات العالمية مما أدى إلى استمرار فتيل نزاع مفتعل كان هدفه نهب الخيرات عن طريق تأسيس جمهورية وهمية بالمنطقة متحكم فيها بدون شعب او ارض او مشروعية، مما حير الأمم المتحدة قرابة نصف قرن لإيجاد حل دائم .
و ختاما فإن ثمن هذه الخدمة والعمالة هو التستر على نظام حكم الجزائر العسكري المنغلق دو القبضة الحديدية ،والذي لا يسمح البثة ببزوغ أحزاب سياسية تمثل الشعب الجزائري وتتطاول على السلطة ،لتمهد الطريق نحو تدشين عهد ديمقراطية حديثة بدستور قوي ،حراسه الحقيقيين مفكري الجزائر ونخبها داخل الوطن و خارجه .