
كيف تم حبك خيوط التصويت بالجملة داخل مسرح البرلمان الأوروبي على قرار إدانة المغرب لإنتهاكه مجال حقوق الإنسان في هذه الظرفية بالذات؟ وكيف تم هذا الإجماع المنقطع النظير بين برلمانيي أوروبا بكاملها؟ ومن أعد هذا التقرير المفصل والمحبك؟ بحيث أقنع الجميع وتمت الهرولة للتصويت عليه بكل قناعة وبدون أدنى تريث.
وتم اعتبار قرار الإدانة هذا الغير الملزم بطبيعة الحال للمفوضية الأوروبية, انتصارا للديمقراطية والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان.
كل هذا يبدو منطقيا بل مثيرا وشاعريا. لكن السؤال المحير الذي يتبادر لذهن أي سياسي أو محلل سواء كان ملاحظا أو ممارسا. كيف لبرلمان أوروبا بكل أطيافه ومشاربه السياسية أن يعطي أولوية قصوى وبهذه السرعة, لمشروع إدانة بلد متوسطي جار؟ فهل المقصود من الإدانة, تحجيم و تبخيس القرارات و التوجهات التي اتخدتها المملكة المغربية؟ بتنويع الشراكات الإستراتيجية مع باقي دول العالم خصوصا الدول الافريقية. أم طموح المغرب لإعادة التموقع الجيوسياسي مع القوى الكبرى هو من أضحى يزعج اوروبا؟ لكن ما يثير الإنتباه ويطرح التساؤل بإلحاح, هو الهدف من هذه الإدانة وإتارة موضوع حقوق الإنسان بالمغرب كورقة ضغط, لتشويه صورة المغرب كبلد يصادر الحريات, ويقمع الرأي الحر وقضاءه فاسد وموجه, أم أنه فعلاً يريد أن يناصر قضية الصحفي بوعشرين, ومعتقلي حراك الريف ولو كلفه ذلك التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة. وذلك بصفتهم حراس الحقوق المدنية والسياسية عالمياً مع طابع الملكية الفكرية التاريخية, وهم الناهون والآمرون في هذا الشأن بالوصاية على الدول الصاعدة, أو السائرة في طريق النمو. والتي تسعى إلى النهضة بطريقة مختلفة على النمط الأوروبي, وتريد نهضة حقيقية ركائزها الأساسية تتمثل في مكوناته البشرية, كما هو مسطر في دستوره من عربي وأمازيغي وصحراوي ويهودي. فتلاحم النظام المغربي مع شعبه من أجل إحياء الهوية المغربية الخالصة, تزعج الخصوم لأنها بكل بساطة أرضية صلبة, تفسح المجال أمام الاستقرار السياسي الذي يسهل الإقلاع الإقتصادي والعلمي والتكنولوجي. ولعل إقتصاديات دول شرق آسيا كاليابان وإندونسيا وماليزيا لخير دليل على ذلك.
إنه لوهم من يصدق أن مؤسسة كبرى بحجم البرلمان الأوروبي, تعطي أولوية قصوى وبصفة مجانية لقضية بضعة أشخاص إدعت أن إعتقالهم ليس قانونيا وأن محاكمتهم مصادرة الرأي الحر.