المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: دعم لتعميم التعليم الأولي

يحظى التعليم الأولي على مستوى إقليم قلعة السراغنة، باعتباره عاملا ضروريا ومحوريا في تحقيق النجاح الاجتماعي والإدماج الاقتصادي للأجيال الصاعدة، عبر المزايا العديدة التي يقدمها، بالدعم المستمر والاهتمام الخاص من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكل الأطراف الأخرى المعنية بالشأن التربوي.
وعلى غرار الجهود المبذولة على الصعيد الوطني لتعميم التعليم الأولي وتجويده، لاسيما بالمناطق القروية، يحظى هذا النمط من التعليم بإقليم قلعة السراغنة بأولوية المبادرة. ومرد ذلك القناعة الراسخة والوعي الكبير بأن الفوارق في الولوج إلى هذا التعليم تشكل عائقا حقيقيا أمام جميع المبادرات، التي تم تنفيذها في إطار المسلسل التنموي الذي تم إطلاقه بالمملكة.
وبعبارة أخرى، أصبح تعميم التعليم الأولي أولوية وطنية، في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خصوصا بالمناطق القروية الهشة، في تناغم مع البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي، الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية، مما جعله “اللبنة” الضرورية للدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة.
ويأتي هذا الاهتمام الخاص بتعميم تعليم أولي ذي جودة كنتيجة منطقية للنهج السديد الذي يسلكه المغرب، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل الاستثمار في الرأسمال البشري خلال المراحل السنية المبكرة، مع الحرص على جعل الفرد “رافعة” أساسية للتنمية والازدهار المنشودين.
وفي هذا الاتجاه، تظل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفية لالتزامها الثابت ولا تدخر أي جهد من أجل النهوض بالتعليم الأولي عبر الرهان على بناء وحدات جديدة، وإعادة تأهيل تلك الموجودة، مع وضع جودة التعلمات والتقنيات المستخدمة على رأس أولوياتها، ومن خلال توعية الفاعلين المعنيين بشكل دائم بأهمية الانخراط في هذا المسلسل.
وتتجلى الغاية من ذلك في المساهمة في التنمية الاجتماعية – المعرفية والنفسية للطفل، بالإضافة إلى شحذ يقظته الفكرية، مع مساعدته على اكتساب المهارات والمعارف الأساسية، حتى يتمكن من الاضطلاع بدوره داخل المجتمع بشكل كامل، وزيادة فرص نجاحه في التمدرس، وبالتالي الإسهام في تحسين الجودة وتعزيز استدامة العملية التعليمية برمتها.
ولعل ذلك ما يجعل من مرحلة التعليم الأولي مرحلة حاسمة، ذات عوائد جمة، من حيث خفض حالات الهدر المدرسي، وتحسين الولوج إلى التعليم الابتدائي والتحسين الشامل للمسار الدراسي.
وقامت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية على مستوى إقليم قلعة السراغنة، في إطار الجهود التي تهدف إلى الحد من الانقطاع عن الدراسة وتعميم التعليم الأولي بالوسط القروي، بتخصيص غلاف مالي قدره 131 مليون درهم، خلال الفترة الممتدة بين 2019 و 2022، بحسب معطيات لقسم العمل الاجتماعي التابع لعمالة الإقليم.
ووفق المصدر ذاته، لا تدخر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبشراكة مع جميع الأطراف المعنية، جهدا من أجل توفير وسائل تحقق هذا الهدف، كما يتضح ذلك من عدد وحدات التعليم الأولي المبرمجة على المستوى الإقليمي، والتي يصل عددها إلى 136، من بينها 86 وحدة مكتملة وتقدم خدماتها، في حين توجد 50 وحدة أخرى قيد الإنجاز.
وأشار إلى أنه تمت برمجة 24 وحدة مدرسية برسم سنة 2023، بتكلفة إجمالية قدرها 5،25 ملايين درهم.
وكان عدد الوحدات المخصصة للتعليم الأولي في الموسم الدراسي 2021-2022، يبلغ 112 وحدة، في حين كان عدد المربيات والمربين المشاركين في هذه المرحلة التعليمية 112، بينما وصل عدد المستفيدين من التعليم الأولي خلال السنة نفسها إلى 2731 تلميذا وتلميذة.
وتشرف مؤسسة زاكورة للتعليم، بيداغوجيا، ولمدة سنتين، على مختلف الوحدات التي تم إنشاؤها وذلك في إطار شراكة.
ومكنت زيارة قام بها فريق من قناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى وحدة التعليم الأولي الواقعة في الجماعة الترابية الصهريج (50 كلم من قلعة السراغنة) من معاينة الجهود التي تبذلها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من أجل النهوض بالتعليم الأولي، مع الحرص على توفير جميع الوسائل البيداغوجية اللازمة وبالتالي ضمان جميع الشروط الأساسية لنجاح العملية التربوية لصالح الأطفال في هذه الجماعة، وذلك بشراكة مع مؤسسة زاكورة.
وأوضح عبد الجليل الزين، ممثل المؤسسة والمسؤول عن وحدة التعليم الأولي هذه، في تصريح لقناة (إم 24) أن هذه الوحدة تضم 44 متعلما في القسم الكبير و 37 آخر في المتوسط، مضيفا أن إنشاء هذه الوحدة (برنامج 2020) جاء في إطار الجهود الرامية إلى تعميم التعليم الأولي، ومكن من ضمان تغطية واسعة في هذا المجال لصالح أطفال المنطقة.
وقال “تمكنا بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفي إطار تنفيذ البرامج التي تم وضعها، من الحصول على نتائج ممتازة خلال الموسم الدراسي السابق، في مجال إدماج المتعلمين الصغار، واكتساب المعارف وتحسينها لدى التلاميذ “، مسجلا الحاجة إلى سد بعض الثغرات التقنية القائمة.
من جهتها، قالت فاطمة الزهراء دهشور، وهي مربية بوحدة التعليم الأولي بجماعة الصهريج، في تصريح مماثل، إن مهمتها تتجلى في المساهمة في تحفيز المتعلمين وإثراء مهاراتهم الذاتية وبناء شخصيتهم، مع ضمان تطورهم على المستويات الفكرية والنفسية الحركية والسلوكية وغيرها، مشيرة إلى أن الغاية هي إعدادهم بشكل أفضل، لتسهيل انتقالهم إلى المرحلة الابتدائية.
وسلطت، في هذا الصدد، الضوء على نجاعة منهجية التعلم التي تطبقها مؤسسة زاكورة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي تعتمد على الوسائل والتقنيات الأكثر تطورا وعصرنة، من أجل تمكين الأطفال الصغار المسجلين في التعليم الأولي من الاستفادة إلى حد كبير من تكوينهم.
وتجدر الإشارة إلى أن النهوض بالتمدرس ومحاربة الهدر المدرسي يوجدان في صميم أولويات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تتدخل على مختلف المستويات، عبر المشاريع المتكاملة المتعلقة بالنقل والدعم المدرسيين..، ويتأسس على التشخيص الدقيق للوضع الميداني، مع مراعاة الاحتياجات المعبر عنها محليا، والخصائص المتعلقة بكل منطقة من التراب الوطني.
و.م.ع